قصص قصيرة

الأحد، 24 أكتوبر 2010

منتظرا بزوغ قمرى




بين الأطلال جلست وحيدا مناجيا أحلامى وذكرياتى وأثناء جلوسى أقترب وقت المغيب وبدأت الشمس تسحب أشعتها على استحياء من السماء وبدأ الشفق الأحمر فى الظهور ما أروعه من منظر عندما يمتزج ذلك الشفق مع أمواج البحر الثائرة ومع الرمال فى الأفق البعيد .

وبدأ الليل يكسى السماء بثيابه المظلمة ؛ وبدأت هذه الثياب تعم السماء رويدا رويدا ؛ خلال كل ذلك ظللت ناظرا إلى السماء منتظرا ظهور قمرى لأناجيه واشكوا له ما بى من أحزان وأبث فيه همومى وكان ذلك اليوم سماؤه صافية أثناء النهار مليئة بالدفء وكانت أشعة الشمس فيها كسلاسل من الذهب أو كالنيران المتوهجة على ما يحمله قلبى من أوجاع وأهوال .

وبناءا عل صفو السماء فى ذلك اليوم يجب أن يكون القمر منتظرا أن تبدأ الشمس بسحب أشعتها الذهبية من السماء على جمرات من النار ، وأن يكون سريعا فى بزوغه ومتلهفا لرؤيتى وحديثى معه عن الأشواق والحنين للذكريات ومناجاتى لأطلالى ولكنه مثل كل يوم لم يظهر ، وأظل منتظره كل ليلة وقتا طويلا دون أن أرى أى خيط صغير من نوره يظهر فى سمائى ، واعتقدت فى ذلك الوقت بأنه سئم من حديثى ، ومن كثرة شكواى ، ومن كثرة أحزانى ، ومن أن تحرقه نيران أشواقى وحنينى لمعاودة كل ذكرياتى معه التى أتمنى أن أعيشها كل لحظة قادمة من عمرى ؛ لأتذوق ذلك الشعور مجددا منها فحقا له اشتاقت عينى وعقلى .

وبدأ قلبى يسير على تلك الذكرى التى تركنى وحيدا بين أطلالها ألم يعلم ذلك القمر بأنه السبب فى كل ما أشعر الأن عندما قرر الرحيل وأن يقذف بى فى بحر من الحرمان وعذاب الفراق وهجره لسمائى .

أيخاف حقا من نيران أشواقى وحنينى  ؟ أسئم من كثرة أحزانى وشكواى ؟ وبعد أن دارت بعقلى كل هذه الهواجس وأخذت منى تفكيرى قليلا عدت مجددا ناظرا للسماء نحو السماء منتظرا بزوغ قمرى فى سماء حياتى .
بعد أن شربت من الأشواق والحنين لما مضى كؤسا واحدا تلو الأخر حتى الثمالة ؛ وبدأت أسئلة عدة تدور فى ذهنى متسائلة عن عدم ظهوره ، لمِّ لم يظهر إلى الآن ؟ أهو مريض؟ أأصابه مكروه؟ وإذا كان مريض وإذا أصابه مكروه فأين تقع أراضيه لأعوده هناك؟.
أيتها النجوم فلتجيبينى وتخبرينى ما أخبار صديقك أيتها الأمواج المتلاطمة لم ذلك الهيجان ؟ ولم أنفجر بركان الغضب هذا؟ أيتها الصخور الصماء لم لا تجادلينى وتشاركينى همومى وحديثى .
 ما أحمل بقلبى قد فجر بركان الغضب فى أعماق البحر فأجابنى بتلاطم أمواجه ؛ أيتها الصخور الصماء ألم تكونى والقمر والنجوم وتلك الأمواج هنا على عهدنا شهود؟ ألا يغيب أحدنا من سماء الآخر فماذا حدث لها؟ أرجوكم فلتخبرونى لم غاب عنى اليوم ولم مضى قمرى وذهب بعيدا عنى.
وأثناء ذلك الحديث ورؤيتى لتلاطم الأمواج الواحدة تلو الآخرى سمعت هناك صوتا ينادينى أيها العاشق أيها المشتاق إلى حنين قد مضى عهده من أزل بعيد أيها المصاب بمرض غريب يسمى بالحنين ومناجاة الأطلال إن شأنك كل يوم غريب ففى كل يوما أراك جالسا على تلك الصخرة ناظرا للسماء وللأمواج مناجيا أطلال ذهب عنك صاحبها وفى حياته قد مضى ؛ ألا تزال حقا بحبه موهوم ؟ ما بك كل يوم تنادى القمر ويكون موجود ؟ وتظل منتظرا قمرا أخر يبزغ لك فى السماء.
 ألا تعلم بأن هذا الكوكب لديه قمرا وحيد؟ فنظرت خلفى فوجدت شخصا مارا بجوارى هو من يحدثنى ؛ فقلت له من أنت يا هذا ومن أخبرك بأننى منتظرا بزوغ قمرى ؛ فقال لى أنا حكيم هذا الزمان ، وأنا موجود هنا منذ أن بدأت مناجاة أطلالك واستدعائك لشهودك القمر والنجوم والأمواج وتلك الصخرة الصماء .
ألم تشعر بحديثك ؟ أكنت تعتقد بأنها مجرد أمواج تلاطم أحدها التى تسبقها ومن ثم تأتى الأخرى لتتلاطم بما سبقها من أمواج هى من أخبرنى بأحوالك مع أطلالك وذكرياتك ؟، لا فقد سمعت حديثك الذى لم تشعر به وأنا لك للعذر ملتمس.
فقلت له بلى لكل منا فى هذا الكوكب أقمار عدة وليس قمرا أو أثنين وسأظل منتظرا قمرى الذى سحب نوره من حياتى منذ أزل بعيد وقرر أن يتركنى وحيدا فريسة لظلام الليل .
أرجوك أيها الحكيم أذا لم تكن تعلم مكانه فدعنى وحدى لمناجاة أطلالى فربما يقرر قمرى الظهور ثانية فى سماء حياتى ....
سأظل منتظره إلى أن يظهر ويعود
..............


Gamal Ayoub
11/2/2010






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تبحث عن قصيدة أو موضوع بعينه؟