قصص قصيرة

الجمعة، 7 أكتوبر 2011

اعتـــــــذار


أريد أن اطلب منك السماح يا من فتحت لى أبوابك ، وجعلت من أرجائك مسكنا لى احتمى به من شمس الصيف المحرقة فى تلك الصحراء الشاسعة ، وجعلت منها غطاء يحمينى من برد الليل القارص  ، لأننى اليوم قررت الرحيل عن صحراءك إلى الأبد ، وكم تمنيت أن أكون متواجدا دوما بداخلك وبجوار هذا النهر الذى لا يجف أبدا من الحب ، لقد أطلق علىّ الجميع أسماء كثيرة الحب ، والهوى ، والعشق ، والوهم ، والحقيقة ، والكثير والكثير من تلك الأسماء ؛ ولكنى أحمل أسما واحدا من تلك الأسماء وربما أكثر من واحد ، ولكنها لم تعنى يوما أحد تلك الأسماء التى  تعبر عن الوهم ، والكذب ، والخديعة ، وما اقتربت يوما من تلك المسميات ولا أعرف لها عنوان .

 فهى عبارة عن مجموعة من الثياب يستخدمها البعض من الناس للإيقاع بى من خلال أفعالهم التى يفعلونها ويكذبون بها على الآخرين متخفيين خلف شعار يحمل بين طياته الصدق ، والأمان ، والطمأنينة ، وكل ما تحمله كلمة الصفات الحميدة من معنى هذا هو شعارى ، وأيضا لا أريد أن أسكن وطنا يملأه النفاق ، والكذب ، والخديعة ، لا أريد موطنا عنوانه الغدر بأقرب الناس ، واللعب بمشاعر الآخرين ، والتمتع برؤية جراح من سلموا لنا أنفسهم أمانة بين أيدينا وذلك من خلال الثقة التى يوهمون بها، والرقص على ذلك النزيف .

 لذلك قررت الابتعاد عن موطنكم وأعتذر لكل من جُرِحَ بسبب تخفى بعض الأشخاص وارتدائهم قناعى وتلويثه بالخبيث من الصفات ، وتلويث سمعته الحسنة التى أكتسبها من الجميع فى كل الأوقات ، والدليل على ذلك أروع القصص التى تروى أنبل الصفات من الأمد البعيد تروى لكم ما أحمل من وفاء، وصدق ، وعطاء ، وتضحية بكل غالى وثمين من أجل إيجاد السعادة وزرعها فى حياة من شعر بتسللى إلى حياتهم دون أذنا منهم ؛ فاسألوا قيسا وليلى ، وعنترة وعبلة ، وروميو  وجوليت ، ولا تبحثون دوما فى قصص الحب الواهية التى تقوم على الخداع ، ومن أجل تحقيق مصلحة ما لأحد أطرافها ، بل أبحثوا فى قصص الحب الخالدة التى خلدها أبطالها  بوفائهم، وحبهم ،صدقهم ، حب نابع من القلب والروح .

 واعتذر أيضا لكل من حاول أن يجرب طعم الشعور بى ولم أقدم إليه أو أقترب منه فلم يحن موعدى معه بعد .

أعتذر لكل من أقدمت إليه وسلمته فريسة سهلة لشخص لا يعرف شيئا عنى ، ولكنى أحمل هؤلاء أيضا المسؤولية لأنهم سمحوا لمثل هؤلاء الأشخاص بخداعهم ، والكذب عليهم ،وسفك دمائى هناك بجوارهم لأنهم استعجلوا أمر تسللى إليهم  ؛ فكان  تسلل زائف مجرد أوهام استيقظوا منها وقلوبهم تدمى من جراحها ونزيفها لم تندمل ، وأيضا أريد أن أخبرهم بشئ هام جدا حتى يكون تسللى المرة القادمة يحمل معه السعادة الأبدية والفرح والسرور ؛ يجب عليكم أن تتريثوا وسأقدم إليكم طائرا محلقا فوق قلوبكم وأسكنكم أفئدة من يعرفون المعنى الحقيقى لى .

وأعتذر لكل من شعر بمناقضات السعادة والفرح فى تجربتهم حتى نجحت ،   لأن الشعور بالسعادة وحده فقد كان سيفسد فرحة نجاح قصته ويفسد الطعم الحقيقى للحياة والسعادة ؛ فحتى نشعر بطعم السعادة والفرح الحقيقى عندما يطرقون أبوابنا يجب علينا أن نجرب الشعور بالحزن والألم .



فالحياة أصدقائى تلبس لنا كل يوم ثوب جديد ــ وربما كل لحظة ــ يحمل فى طياته شعور مختلف عن الأخر ، وما يجعلنا نشعر بجمال كل ثوب تلبسه لنا يجب أولا أن نشعر بما يناقضه .

elgharieb
29/11/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تبحث عن قصيدة أو موضوع بعينه؟